Normal 0 false false false ENUS XNONE ARSA

متلازمة اسبرجر

لا يوجد أي قلق أو خوف من متلازمة اسبرجر حيث إنها متلازمة يعاني منها الكثيرين على مستوى العالم، ولكننا على الرغم من ذلك نتفهم القلق والخوف الذي ينتابك حين تكون وسط مجموعة من الناس، ونعلم مدى عدم رغبتك أن يقتحم أحد الأشخاص أو الأصدقاء الجدد محيطك وحياتك؛ بل إنك تفضل وترحب بالمألوفين والمعروفين بالنسبة لك والذين اعتدت على وجودهم فقط.

 

متلازمة اسبرجر

كذلك فإن كنت من أحد المرضى بهذه المتلازمة؛ فإنك بذلك قد تكون شخصًا مميزًا، نعلم أنك عادة ما تميل إلى الوحدة ولا ترحب بالتعامل الدائم مع العالم الخارجي، ولكن على الرغم من ذلك فإنك لست بغريب الأطوار؛ بل فقط طبيعة قد ولدت بها.

هناك الكثير من المشاهير والناجحين المصابين بهذه المتلازمة مما أكد أن هذه المتلازمة ما هي إلا اضطراب نمائي، وتم تصنيفه كأحد أنواع التوحد، وربما لا يتم اكتشافه في بعض الأوقات إلا بعد بلوغ الشخص، ولكن بالتأكيد أن أولى العلامات لهذه المتلازمة قد تبدأ منذ فترة الرضاعة ولكنها تزداد ظهورها في فترة الطفولة.

تشير هذه المتلازمة إلى نوعية الأطفال الذي لا يمتلكون مهارة التواصل بشكل لفظي مقارنة بالطفل الطبيعي، كما أنهم لا يظهرون التعاطف المعتاد نحو الآخرين ويتصفون بحركة مرتبكة بشكل مستمر؛ لذلك أخبرنا الطبيب النمساوي هانز آسبرجر في عام ١٩٤٤م أن هذه الأوصاف متكررة مع الكثير من الأطفال مما يشير إلى وجود خلل فيما يشتركون فيه ومن هنا اكتشف المتلازمة التي سميت باسمه.

 

كيفية تشخيص متلازمة اسبرجر؟

هل تلاحظين على طفلك بعض العلامات التي تثير قلقك مثل انخفاض مدى تواصله مع الآخرين ورغبته في الانطواء والبعد عن الزحام والتجمعات؟ نحن هنا لا نقلقك ولكن نسعى أن نساعدك على تشخيص طفلك في وقت مبكر؛ لأن كما نعلم أن العلاج في الصغر تكون نسبة نجاحه أضعاف مضاعفة من العلاج في الكبر.

من أهم العلامات التي تؤكد إصابة طفلك بهذه المتلازمة هو نشاط الطفل بشكل زائد وغريب من نوعه، كما أن الطفل يكون ذكي ولكن ذكائه مقترن بالهوس، وبالطبع سيكون انطوائي ولا يمكنه التعبير عن نفسه وعما يدور بداخله.

من السهل أن يشخص الطبيب المختص المتلازمة، فكل ما يحتاج إليه هو فحص الطفل بشكل مباشر والتأكد من تكيفه مع حالات الشعور المختلفة، كذلك يبدأ الطبيب في مراقبة سلوك الطفل، فلو كانت غير شائعة؛ فذلك يشير بشكل كبير أن هذا الطفل مصاب بهذه المتلازمة خاصة لو كانت لغته ليست معتادة.

 

ما الفرق بين اسبرجر والتوحد؟

يبدأ الطبيب في شرح الحالة التي يمر بها الطفل لوالديه، ومدى إشارة جميع الأعراض إلى أنه يعاني من متلازمة الاسبرجر، فيكون السؤال المباشر من الأبوين هنا هو هل طفلنا مصاب بالتوحد؟

ولكن في الواقع أن هناك تشابه شديد بين كلا من المتلازمة والتوحد، ولكن يمكننا أن نقول بأن اسبرجر ما هو إلا طيف توحد، ولكن التوحد هو مرض أخطر من هذه المتلازمة وعلاجه أصعب، كما أن اسبرجر هو اضطراب في النمو أما التوحد هو اضطراب عقلي ونفسي.

كذلك تعتبر أكبر عرض لمتلازمة اسبرجر هو أن الطفل يفضل المعروفين بالنسبة له، أما مرض التوحد فإن الطفل يفضل الانعزال عن العالم الخارجي بشكل تام، كما أن التوحد له أعرض قوية وشديدة ويصعب علاجها، في حين أن اسبرجر له أعراض بسيطة.

بالإضافة إلى كل ما سبق فإن المرضين يشتركان في أن الطفل يكون له طبيعة عنيفة ويغضب بدون سبب، كما أنهما يشتركان في تحرك الطفل بغرابة وصراخه الذي يتفاوت بشكل كبير، وفي كلا الحالتين يجب أن يخضع الطفل إلى الطبيب لمتابعته في الحال.

بعد أن انتهينا من توضيح ما الفرق بين هذه المتلازمة والتوحد؛ فإننا نؤكد أن اسبرجر ما هو إلا مرض من السهل السيطرة عليه خلال فترة الطفولة، في حين أن التوحد ق يلزم الطفل في مراحل حياته بشكل مستمر. 

كيفية تقييم متلازمة اسبرجر؟

يمكننا الآن توضيح الوسائل التي يمكننا التعرف بها على أي مدى إصابة الطفل بهذه المتلازمة، وفي الحقيقة أن الأمر صعبًا ولكن يتوقف على عدد من التقييمات التي يقوم بها الطبيب ومنها تقييم مدى صحة الطفل العقلية واستجابته للتفاعلات المختلفة وإجاباته على الأسئلة التي توجه له.

بعد ذلك يبدأ الطبيب في قياس معدل ذكاء الطفل وفي أغلب الأوقات يكون الطفل ذكي بشكل مختلف عن الأطفال العاديين، ولكن المشكلة هنا تكمن في أنه مشوش ومشتت ولا يستطيع توجيه ذلك الذكاء بشكل صحيح.

كذلك يتم تقييم سلوكيات الطفل الغريبة والمختلفة عن الأطفال العاديين؛ فهو متقلب المزاج لا يستطيع التعبير عن مشاعره أو التفاعل مع مشاعر الآخرين، كذلك من أهم طرق اختبار هذه المتلازمة هو ملاحظة التفاعل اللفظي للطفل فعادة ما يتفوه بألفاظ غريبة من نوعها أو يكرر الجمل بشكل عصبي.

بالإضافة إلى استخدام مقياس تقييم التوحد لقياس هذه المتلازمة، كما يتم استخدام مقياس جيليام الذي يمكنه التفرقة إذا كان الطفل مصابًا بالتوحد أو أسبرجر، ومقياس الاستجابة الاجتماعية من مقاييس التعرف على هذه المتلازمة.

 

متلازمة اسبرجر والزواج

يمكننا القول إن التعامل مع المصابين بمتلازمة اسبرجر أمر ليس سهلاً فهم أشخاص لهم طبيعة خاصة تحتاج إلى الكثير من المجهود؛ من أجل احتوائهم والقدرة على التعامل معهم؛ لذلك فعند السؤال عن إمكانية الزواج من أحد المصابين بهذه المتلازمة؛ فيمكننا القول إنه لا مانع بالطبع فهم بشر كاملين الأوصاف الجسمانية، ولكن على من يرغب في الارتباط بأحد منهم أن يفهم طبيعتهم وكيفية التعامل الصحيح معهم.

كذلك فإن أهم الأمور التي يجب معرفتها قبل الإقدام على الزواج من مرضى متلازمة اسبرجر أن الرومانسية لن تكون بشكل طبيعي؛ لأنهم يفتقدون الحس العاطفي والقدرة على التفاعل مع المشاعر بغير إرادة منهم، وإن كانت طرق العلاج الحديثة تقول بأن هناك تطور كبير يحدث في شخصية مرضى هذه المتلازمة ولكن بشرط أن يتم طلب العلاج في السنوات الأولى من أعمارهم.

 

مشاهير متلازمة اسبرجر

هل يمكنك أن تتوقع أن اللاعب المهاري ليونيل ميسي الذي مازال يلعب ويجول في ملاعب كرة القدم الأرجنتيني كان مصاب بمتلازمة اسبرجر في طفولته حيث إنه قد خضع للعلاج المبكر الذي مكنه من الشفاء من هذه المتلازمة، ولكن لا نستطيع أن نعرف أو نتأكد من أن الشفاء تم بشكل كامل أم لا؛ لأن معظم أطباء النفس يرون أن هناك تحجيم لهذه المتلازمة لمن شفاء كامل هذا غير ممكن.

 

كذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا عن متلازمة اسبرجر بعدما قمنا بتوضيح جميع المعلومات الخاصة بتلك المتلازمة التي مازال العلم يقف أمامها حائرًا، فحتى مع توفير طرق علاجية مختلفة لم يعرف أحد حتى الآن ما هي الأسباب الرئيسية التي تتسبب في الإصابة بهذه المتلازمة، ولكن تذكروا دائمًا أن هذه المتلازمة ليست بشيء يدعو للخجل، فلن نبالغ إذا قلنا إنها متلازمة العباقرة؛ فكل ما يحتاجه مريض هذه المتلازمة هو التشخيص المبكر والعلاج ووجود أسرة تدعمه.


كتابة دنيا عز الدين